07‏/05‏/2012
11:45 م

برنامج شراكات مع الدكتور عايش لبابنة


نص حلقة تلفزيونية مع الدكتور عايش لبابنة في قناة بغداد الفضائية 
برنامج شراكات 

شراكة المرأة في الغربة

برامج 2009
شراكة المرأة في الغربة

أعزائي المشاهدين .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرحب بحضراتكم في حلقة جديدة من حلقات برنامجكم الحواري شراكات، موضوعنا لهذا اليوم هو شراكة المرأة في الغربة
· فإذا كانت الحياة تضطر الرجل أحيانا إلى هجرة وطنه حفاظًا على دينه أو حفاظًا على حرية قراره فهل يمكن للحياة أيضًا أن تضطر المرأة إلى الهجرة؟
· أليست المرأة ضعيفة وعاطفية ألا تتناقض هذه الأمور مع الهجرة؟
· إذا كانت المرأة في عائلة مهاجرة فما هو دورها؟ وكيف تصنع من هذه العائلة عائلة ناجحة حتى وهي تعاني ما تعانيه في ظروف الغربة؟
كل هذا أعزائي نتحاور فيه مع حضرة الدكتور عايش لبابنة أستاذ الدعوة والإعلام الإسلامي في جامعة اليرموك.
المقدمة : أهلا بك دكتور
د. عايش : أهلا بكم جميعا .. والسلام عليكم ورحمة الله
المقدمة : وعليكم السلام ورحمة الله ..
دكتور ما هي الغربة؟ ما هي الهجرة؟ هل هما مصطلحات مختلفان؟ أم هما مصطلح واحد؟.
د. عايش : بسم الله أحمد الله سبحانه وتعالى وأصلي وأسلم على نبيه الأمين وبعد، الهجرة مفارقة الأوطان، والغربة هي ناتج الهجرة، فمعنى أن تعيش في غير وطنك أو المكان الذي اعتدت أن تعيش فيه هو معنى كونك غريبًا.
وهنا يبدو المفهوم الإسلامي للهجرة والغربة مختلفًا بعض الشيء عن مفهوم الآخرين، يجعل من موطن المسلم حيث يجد نفسه، يجد دينه، يجد قراره.
المقدمة : إذًا المحور الأساس في الإسلام هو غاية الحياة هي أن يجد الإنسان حرية الدين وحرية القرار بغض النظر عن المكان الذي استقر فيه.
د. عايش : بالضبط، يصنع الإسلام في هذا الأمر معادلة جديدة تقول أن الثابت والمتغير يختلف عما ربي الناس عليه أو اعتادوا عليه، الثابت الوحيد عندنا هو علاقتك بالله سبحانه وتعالى والله سبحانه وتعالى إذا تعلقت به يجعلك فوق مفهوم الزمان والمكان فتبدوا أمور الوطن مع الإقرار بأهميتها تبدو أنها متغيرة بجانب الثابت الوحيد وهو أن تعيش حرًا كريمًا عزيزًا.

المقدمة : إذا الثابت الأول هو العزة والكرامة وحرية الرأي وطبعا هذا كله لا يكون إلا إذا كان الإنسان محافظًا على دينه.

د. عايش : بالضبط، ومن ثم فقرار الهجرة لا يبدو كأنه قرار مأسوي بالعكس هو قرار استراتيجي يفترضه الإسلام بل يطلب من المرأة والرجل والمسلم بشكل عام والمجتمع أن يكون جاهزًا هذا مفهوم أن يكون في جاهزية كاملة لاتخاذ مثل هذا القرار.

المقدمة : أنت تفرق دكتور بين الهجرة وبين الغربة وتقول هجرة بلا غربة، لكن هل يمكن أن تكون غربة بلا هجرة؟ هل يمكن أن يشعر الإنسان بالغربة في وطنه؟
د. عايش : بالضبط، المفهوم الخاص الذي ينادي أو نرى أن الإسلام قدمه هو أنه لو بلغت بك تغير الأحوال وعوامل الزمن أن تعيش غريبًا في بلدك أو تعيش غريبًا في المكان الذي نشأت فيه أو لا تشعر بكيانك المرتبط بالدين، بمعنى المرتبط بممارسة شعائرك هذه الشخصية الحرة المتعبدة فقط لله سبحانه وتعالى والتي تأبى أن تتعبد لغير الله سبحانه وتعالى، إذا شعرت أنك لا تستطيع أن تقيم هذا الدين فتتحرك تلقائيا أنت من فكرة الوطن بمفهومة الضيق، فتنفتح الكرة الأرضية كلها للهجرة ولا يصبح الأمر، مع أن النبي ص عانى من فراق الوطن، ولكن هذه معاناة جبلية بمعنى أن النبي ص لما فتح مكة عاد إلى المدينة المنورة، يعني الفرصة التي كانت لديه ليرجع وطنه بالمعنى الضيق فوتها بمعنى أن الأهم والثابت كان هو الدين، وتلاحظين الأنصار وقتها قد خشوا أنه قد وجد أهله فقال بل المحيا محياكم والممات مماتكم وعاد إلى مركز الدولة، إذا وطنه الجديد حيث دينه، هذا المعنى الذي نريد أن يترسخ ويبدو أن الإسلام نجح في ترسيخه حتى عند المرأة.
المقدمة : لكن دكتور قبل أن نصل للمرأة بعض الناس تراهم يخافون ويخشون من اتخاذ هكذا قرارات فتجد الواحدة منهم يعاني ما يعانيه في رزقه ويعاني ما يعانيه في حرية رأيه والكثير من ضغوطات الحياة لا يتحملها من أجل ألا يترك المكان الذي نشأ فيه ولا يتخيل نفسه إلا في هذا المكان، فهل الإسلام يؤيد مثل هذا التصرف؟
د. عايش : إن قرار الإسلام في فطرة حب الوطن وفطرية حب الوطن شيء، وهدف الإسلام في تحرير الإنسان من أي قيد سوى القيد الشرعي، هذه معنى الحرية، الحرية هي أن تستطيع أن تتخلى عما يمكن أن تتخلى عنه، ما الذي يحدث عندما يتقيد الإنسان بقضية الوطن أو بقضية القيود بشكل عام، يتوهم أنه لا يستطيع أن يخرج من هذا المكان، يتوهم أنه لو خرج فهو كالسمكة التي خرجت من الماء، يتوهم عدة أوهام، والإسلام عندما جاء أراد أن يحرر الإنسان من الوهم، يقول له إن علاقتك بالله سبحانه وتعالى هي التي تحدد، والعلاقة هي العبودية لله سبحانه وتعالى والتلقي منه سبحانه وتعالى والرضا بما يصنعه الله تعالى في الأمرين الشرعي والقدري، فحين يحدث هذا عند الإنسان يتحرر، وحين يتحرر تصبح قضية الزمان والمكان بمعنى العمر وغيره لا يصبح عنده إشكالية أنا كبرت أو صغير بل يتحرر ويصبح الصغير والكبير يتحرر الإنسان من الزمان والمكان ويصبح حرًا، وهذه معنى حرية الإنسان، وهذا ستأتي معنا قضية هجرة المرأة التي لم يكن يتصور أن تتخذ مثل هذا القرار.

المقدمة : إذًا الإسلام يسعى دائما إلى تحرير الإنسان من كل وهم ومن كل تخوف ومن كل عقدة وربما من أكثر المشاعر التي قد تسيطر على الإنسان بأنه محتضن في وطنه وأنه موجود في وطنه وأنه لا يحب أن يغيره حتى مع ذلك فإن الإسلام يريد للإنسان أن يتحرر من هذه النظرة ويرسخ عند المسلم بأن الأساس هو أنت حريتك، الأساس هو إحساسك بذاتك الأساس هو إحساسك بواجبك.

د. عايش : نعم في ظل عقيدتك وبعدها إذا توافق ذلك مع وطنك فشيء طيب وإلا فوطنك حيث دينك.

المقدمة :يعني هذا الكلام دكتور هو عبارة عن حديث عن حقبة يمر بها الإنسان وهي حقبة ضغوطات تكون، يعني لا يمكن لإنسان أن يتخذ قرار هجرة عن وطنه إلا إذا كان مضغوطا عليه بالقدر الذي يجعله يتخذ هذا القرار، فهل يمكن أن تكون المرأة في مثل هذا الموقع أو أن المرأة في الإسلام مصانة وموجودة في حصن حصين لا يمكن أن تتعرض للضغوطات؟

د. عايش : هناك نقطتان، النقطة الأولى أن قرار الهجرة أحيانا يكون قرارا شرعيًا يطلبه الدين حين تكون ظروف الجماعة المسلمة أو الدولة الإسلامية تقتضي ذلك وليس الهم الشخصي، يعني قد يهاجر الإنسان وهذا حصل في هجرة المسلمين الأولى للحبشة هاجر سيدنا جعفر بن أبي طالب وهو جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب ولا يستطيع أحد أن يطهده فهذا شخص لم يكن مضطهدا ولا يستطيع أحد أن يؤذيه ومن ثم لم يكن ضعيفًا ولكن هاجر لأن الشرع والمراد الشرعي أمره بأن ينتقل مع هذه الجماعة ليقودها في الحبشة، فلرجل والمرأة سواء تحت أمر الشرع، ما معنى الإسلام؟ هي الجاهزية التامة لتنفيذ أوامر الله سبحانه وتعالى وتثبيت أمر الله والباقي يصبح متغيرات.

المقدمة : هي الهجرة الأولى للحبشة دكتور كانت اختيارية أم قصرية، أي هل أمر النبي ص جماعة معينة بالهجرة للحبشة أم أنه وضع ضوابط عليه الصلاة والسلام أنه من كشع بكذا فليذهب ومن أراد كذا فليذهب.

د. عايش : قولنا أن جعفر عليه رضوان الله لم يكن مطهدا تعني أن الهجرة بهذا السبب الاضطهاد والضغط المختلف وتعني بأنه قد يأمرك الشرع بأن تكون مهاجرا وإن لم تكن مضطهدا، إذًا هو قرار استراتيجي يأتي لمصلحة الدعوة وإن لم يكن فرديا بضغوط فردية تضغط على ذات الشخص، ومن ثم المرأة قد تكون من هذا النوع الذي مضطر للهجرة أو قد تريد أن تخدم الدين فتهاجر.

المقدمة : دعني عند هذه النقطة دكتور فاسأل: هل يحافظ الإنسان على الحد الأدنى من الحياة في وطنه فلا يهاجر؟ أم أنه إذا كان يطمح إلى حدود عليا يغلب على ظنه بأنه يتمكن أن يأتي بها من الطاقة والإنجاز والخدمة سواء خدمة البشرية ككل أو خدمة الدعوة، يعني إذا شعر أن هذه الطاقة هذه الطموحات سوف تنتقص في وطنه هل أيَضًا يهاجر أم يكتفي بالحد الأدنى؟

د. عايش : إذا وسعنا المفهوم لتصبح الهجرة ليست فقط بسبب الدين وإنما بسبب عدم توفر الظرف الأنسب فإن مسألة الهجرة من أجل الرزق من أجل استثمار القدرات العلمية وربما المالية وغير ذلك إذا وسعنا ذلك المفهوم فنعم أنت دكتورة أجبت على هذا السؤال إن الإنسان طالب عندنا يعيش وينتج ويخرج أقصى ما عنده من خير بغض النظر عن المكان، لأنه سيصبح المكان قيد على إنجازك سواء في المجال الديني في المجال المالي فإن عليك أن تقرر وقد يكون جاهزًا الموضوع ليس قررت هذا أنا أخالف موضوع أنه مضطر لا يجب أن يكون قرار الهجرة أحد القرارات الواردة في حياتك، نربي الجيل نربي الأطفال أن يكون موضوع الوطن مع حبك له الوطن قد يسكنك وأنت في آخر الدنيا، فأحيانا أخواننا الذين يهاجرون لطلب المال وغيره يكون عنده وطنيه وحب للوطن أكثر وهو في الهجرة لأنه هاجر من أجل هدف وقد جاء ولم يترك وطنه رغبة عنه، والذي يهاجر في سبيل الله أيضًا لا يهاجر وطنه وإنما يريد الخير لهذا الوطن فيذهب ليحصل ما هو أفضل، النبي ص ترك وطنه وقال إنك أحب بلاد الله إلي ثم صنع الأفضل صنع قاعدة الدين ثم رجع فحرر الوطن، فكلامك في مكانه أنا إذا لم أستطع أن أقدم أفضل ما عندي لا يطلب مني الإسلام أن أرضى بالقليل أو بما أنا فيه.

المقدمة : دكتور أليست الراحة النفسية هي أحد الظروف التي ينبغي أن تتوافر للإنسان حتى يبدع، فإذا كان الإنسان سيغادر وطنه وأهله وأحبابه الذين هم في هذا الوطن ألم يفقد جزء من راحته النفسية الأمر الذي سوف يؤثر على إبداعه إن خرج يعني الانتقاص من إبداعه سيلاحقه إن خرج داخل الوطن بسبب الضغوط وخارج الوطن بسبب الحنين.

د. عايش : بالضبط ولكن المسلم عنده قاعدة أن إسلامه هو إكسير الحياة، إكسير الحياة هو المادة التي كان يبحث عنها الناس ليحولوا كل المعادن إلى الذهب، الدين يقول أن كل شيء يمكن أن يحول إلى الذهب ، المسلم كل أمره خير فإن أصابه خير شكر فكان خير له وإن أصابه ضراء صبر فكان خيرا له، المسلم يعيش هذه الحالة وهي أن ينوي بتركه وطنه مضطرا أو لأي سبب ينوي وجه الله سبحانه وتعالى، هذا يجعله يستفيد من هذا ويكون عنده حافز، إذًا تركه الأحباب حافز للإنتاج الأكثر، ما نسميه التوتر الإيجابي القلق الإيجابي، أنا تركت وطني وأريد أن أبدع في الغربة لا أريد أن تذهب هذه التضحية العظيمة بغير ناتج أو بغير محصول.

المقدمة : طيب دكتور أليس أنت تتحدث عن الغربة بمفهوم هو بالمحصلة يكون الدافع له للغربة إرضاء الله والتعبد إلى الله بالمزيد من الإنتاج، ولكن البعض ربما يعترض على هذا ويقول بأن الإنسان المسلم مطالب بأن يكون خيره وأن يكون نتاجه في وطنه وفي خدمة أمته وفي صالح أمته، فلا يذهب مثلا إلى الغرب ليعطيها نتاج ذكاءه ونتاج خبرته وعلمه، ماذا تقول في ذلك؟ كيف نرضي الله أكثر؟

د. عايش : نعم، هذا أيضًا القاعدة الأخرى وهي قاعدة النية، عندما تهاجر وأنت في نيتك أن تخدم هذا الدين أو هذه الدعوة وهذه الأمة يحل هذا الإشكال أنا أذهب أينما ذهبت وفي قلبي ديني ووطني وأهلي ولكني لا أنسى، المشكلة في الغربة أنها تنسيني إذا كنت تريدين واقعيا فنحن نعلم أن الذي يخرج مع نية ومع أهداف ينسى، يعني اختلاف الليل والنهار ينسي فيجب منه أن يتذكر، ما الذي يذكره؟ عندنا شيء أن المسلم دائما يجدد نيته لا ينسى، وهذا ما نريده أن الذي يخرج من وطنه أن يبقى متذكرًا، وسيأتي معنا على أناس على هجرة وغربة والأهداف الأساسية لا ينسونها، وعندما ينتهي من هدفه يغفل راجعا إلى وطنه ولكن لا تأخذه الدنيا ولا شعبها.

المقدمة : هو ربما يخفف من هذا أيضًا دكتور وسائل التواصل الحديثة التي أصبحت تجعل الإنسان في أي مكان يستطيع أن يتواصل مع أي إنسان في أي مكان.

د. عايش : وهذا يؤكد ما قلناه في البداية كأن التواصل ومسألة الاتصال وغيره تؤكد مفهوم الطريقة الكوني الآن أصبح الآن يؤيد الإسلام بأن الإنسان يستطيع أن يعيش أينما كان وأن يتواصل مع الآخرين فلا تبدو عقدة السمكة هذه التي لو خرجت من الماء سوف تموت، فنحن نريد أن يتحرر الإنسان والآن كما تفضلت يساعدنا على ذلك التقدم العلمي.

المقدمة : يعني دكتور أود هنا أن أدخل في محور الحلقة وهو عند دور المرأة في مثل هذا الظرف الذي ربما يعده البعد استثنائيا ولكنه في الحقيقة هو ظرف حقيقي يتعرض له شريحة ليست بقليلة من الناس، هل يمكن للمرأة أن تتعرض بالفعل لظروف تجعلها تتخذ قرار الهجرة، وإذا اتخذت هذا القرار ما هو أثر هذا القرار على مجمل عائلتها وما هو دور الآخري في مثل هذا القرار هل يمكن لأحد أن يمنعها في مثل هذا؟ أريد إيجابات وافية على كل هذا دكتور ولكن اسمح لي بعد استراحة قصيرة ..

استراحة قصيرة ثم نعود إليكم

المقدمة : أهلا بكم أعزائي نواصل حوارنا في السؤال الذي توصلنا إليه قبل الاستراحة وهو إذا كانت الحياة تضطر الرجل إلى أن يهاجر فهل هي أيضًا تضطر المرأة إلى ذلك؟ المرأة الضعيفة العاطفية التي يظن بها الكثير من الناس هذه الصفات هل هي بمكان من الضغوطات بحيث أنها بإمكانها أن تتخذ قرارا خطيرا كهذا؟

د. عايش : الحقيقة أن قولنا الإسلام يحرر الإنسان معناه أنه لا يجعله فريسة لأوهام حول نفسه أو لأوهام مجتمعه حوله أو لأوهام التاريخ حوله، يخبرنا التاريخ بأن المرأة ضعيفة وأنها وأنها ويخبرنا الدين واقعيا عبر ما وجه من تكاليف إليها وعبر ما طبقته المراة المسلمة بانها قوية وقوية جدا وأنها اتخذت مثل هذا القرار، قرار الهجرة قرار لأجل الدين والكرامة والحرية وإلى آخره من هذه المعاني فعلته فعلا المراة المسلمة والمرأة المسلمة وجه إليها الخطاب بالهجرة مع الرجل، ولم يوجه خطاب الهجرة للرجل والمرأة يعني تتبعه إذا اضطرت إذا ظروف العائلة سمحت، بالعكس الخطاب الذي جاء إلى المرأة خاطب المرأة ابتداء (الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان) الاستضعاف حالة ليست متعلق بالمرأة بل حالة متعلقة بظرف هذا الإنسان، قد يكون رجلا مستضعفا امرأة مستضعفة ولد مستضعف، طبعا (الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا أولئك عسى الله أن يؤخر لهم وكان الله)

المقدمة : طبعا هم مع الاستضعاف هم بحاجة إلى عفو الله عنهم؟

د. عايش : إن الاستضعاف ليس للمرأة أحد العلماء في أحد الأبحاث يقول قوله (إلا المستضعفين) ثم عد ثلاثة دليل على أنهم متساوون في الاستضعاف ومتساوون في الأمر بالهجرة، يعني القادر على الهجرة عليه أن يهاجر سواء كان رجلا أو امرأة أو ولدا والعاجز عنها معفو عنه سواء كان رجل أو امرأة أو طفلا، هذا الدليل على أن المرأة خطبت للهجرة، إذًا نحن لا نحشر المرأة في الهجرة لا نحشر المرأة وكأننا نفتعل قضية إشراكها..

المقدمة : هي ليست عملية حشر دكتور بقدر ما هي مفهوم اجتماعي حقيقي مترسخ بأن دائما كثيرا نسمع بأن رجلا هاجر لاستكمال الدراسة، رجلا هاجر لكسب الرزق، رجلا هاجر من أجل أنه ضيق عليه سياسيا أو ما إلى ذلك، ومن البدهي والطبيعي أن تذهب الزوجة والأولاد مع الزوج، ولكننا لا نسمع كثيرا بحالة عكسية بأن المرأة هي التي ضيق عليها أو أن المرأة عندها طموح لا تستطيع أن تنفذه أو أن تتوصل إليه في بلدها فتهاجر فتهاجر معها العائلة.

د. عايش : بالعكس عندنا المفهوم الآن ينقلب، المفهوم في سورة الممتحنة مثلا أن المرأة أسلمت وأهلها مازالوا على الشرك فتقرر الهجرة وحدها

المقدمة : تترك عائلتها كلها

د. عايش : تترك عائلتها تترك الزوج وقد فعلته إحدى بنات النبي ص فتركت زوجها المشرك وهاجرت مع النبي ص وفي الطريق آذاها بعض المشركين فأسقطت جنينها للهجرة في سبيل الله وتركت زوجا فهي في المفهوم العام قد خسرت كل شيء، ولكنها لم تخسر شيئا فالمرأة عندما تقرر أن الدين هو الثابت وكل شيء متغير يمكن في سبيل الدين أن تقوم، أين الضعف؟ الضعف في هجرة إحدى بنات النبي ص في هذه الظروف، في هجرة أسماء بنت أبي بكر في ظروف حملها في نهاية حملها حتى أنها تصل منطقة قباء فتضع أول مولود في الإسلام عبد الله بن الزبير في المدينة، فعندما تتخذ المسلمات هذا القرار ينزل الله سبحانه وتعالى سورة كاملة باسم الممتحنة يخلد فيها ذكر النساء اللائي تركن هذا الوطن وشبكة العلاقات، فالمرأة عندنا بشكل عام أسيرة لشبكة العلاقات، كلام الناس وللزوج يعني هذا الأسر من أجل دينها، وعلى فكرة عندما تمشي من أجل دينها أو في سبيل هدف مشروع قد يعترض عليك الناس ولكن لا يستطيعون أن يعترضوا على مبدأك أنك تريد من أجل الدين، فأنت شرعية الهجرة أنت كسبت معركة الشرعية، وإن لم تكسب يمكن أن تخسر حتى أنك لا تستطيع الهجرة نفسها.

المقدمة : دكتور هو لا يستطيع أحد في الدنيا أن يعترض على موضوع الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام من أجل الحفاظ على الدين، مثل ما حدث للمؤمنات المسلمات اللاتي تركن عوائلهن للهجرة مع النبي ص ولكن البعض يستطيع أن يعترض على الفروع وربما تقرر امرأة ما أنها تريد أن تكمل دراسة معينة في تخصص دقيق ما وأن هذا الأمر متسن لها في دولة أخرى وغير متسن لها في وطنها وأنها يغلب على ظنها أنها ستكون مبدعة في هذا المجال وأنها ستخدم الأمة وتخدم الوطن نفسه وتخدم الدين ولكن يعترض عليها ويعترض أنت تريدين أن تفشلي عائلتك وتريدين أن تشتتي أولادك وزوجك من أجل هدف خاص بك، أنت أنانية ألا تشعر أنه فعلا هناك أنانية في مثل هذه القرارات وأنه لها ضوابط دكتور؟

د. عايش : في الواقع الإجابة عن مثل هذا السؤال يأتي من خلال عنوان البرنامج الشراكة، يعني الحل هو الشراكة، يعني الحل أنه إذا أردت أن تسافر أيها الرجل فالقرار يتخذ بالشراكة وإذا أرادت المرأة أن تسافر فالقرار يتخذ بالشراكة، لماذا؟ لأن عواقب هذا القرار وهو قرار خطير جدا الانسلاخ من هذه الشبكة من العلاقات سواء مع الأهل أو ترك المسكن أو المعتاد من الحياة قرار صعب وكثير العواقب، حتى معنى أن أوافق أيها الرجل سواء كان الزوج أو الأب أو الأخ معنى أن يوافق أن يتحمل مجموعة الشروط الشرعية، الدين لو أنه افترض أنها لم تسافر فلما يطلب أن يسافر معها محرمًا؟ إذًا الدين عندما قال لا تسافر إلا مع محرم افترض أنها ستسافر، افترض أن هذا الشخص الرجل سيأتي شريكًا معها، إذا من المركز إذًا ستقرر هي والدين لا يقول لها ممنوع ولكن يقول تفضل أن تكون شريكا معها، لا تسافر إلا مع ذي رحم أو مع زوج، إذًا الدين يفترض أنه ستحدث هذه الحالات ..

المقدمة : إذا وجود هذا الحكم الشرعي وجود المحرم ووظيفته الأساسية أنه محرم ليست وظيفته أنه هو الذي سيسافر وهي تسافر معه ..

د. عايش : دلالة على أن الإسلام يفترض أنها يوما ستسافر المرأة لأنه المطلوب منها أن تسافر، والرجل هو الأخ أو الأب أو الزوج سيكون شريكا، إذًا هي صاحبة القرار للظرف الخاص، أنا ولدت لي ابنة مبدعة فعلا في هذا الأمر وابني الآخر إنسان عادي اكتفى بالدراسة في بلدي أو المكان الذي نشأ فيه والفرصة تأتي الآن لابنتي وأستطيع هنا أريد الشراكة ليست العملية ضوابط شرعية فقط، الموضوع كيف نطبق الضوابط الشرعية، نطبقه بالتحاور، سوف تأتي المرأة أول مرة وثاني مرة وعاشر مرة تحكي مع الأب أو الأخ أو الزوج لتقنعه بناتج وشرعية المسألة وناتجها، وإذا كانت قد بنت أسرتها سواء الأسرة التي ستخرج منها أو التي اختارتها للزواج أو الأولاد على أسس شرعية عندما تقول لهم سوف أذهب في سبيل الله وإن كان للدراسة وإن كان للعمل وإن كان لغير ذلك تستطيع أن تقنعه، ومن ثم وهذا شيء مهم سيتحملون معها نتيجة هذا القرار، المسالة ليست تمرد، كلمة شراكة هنا يعني أننا لا نريد لحركة المرأة ودخولها الآن في الفاعلية لا نريد حركة تمرد نريد حركة تشاركية وقد تأخذ وقتا قد يسافر الرجل حينما تأتيه فرصته وقد تتأخر المرأة شيئًا من الزمن وقد تكون شهورا أو سنين، ولكنها في النهاية أقنعت وسوف يتحمل الجميع معها هذا القرار.

المقدمة :يعني دكتور حضرتك ترشد في مثل هذه الحالات إلى أن المرأة عليها ألا تهدم كيانا قائما وهو الأسرة من أجل مصلحة أو من أجل ربما طموح محتمل، فلربما تهدم أسرتها ثم تسافر مثلا لإكمال دراستها فتتعسر هذه الدراسة لأسباب أخرى، فتكون قد خسرت الأمرين معا.

د. عايش : بالعكس ربما يكون التأجيل لمدة معينة مع محاولة إقناع الآخرين وهنا تأتي فكرة الشراكة، يا جماعة لازم موضوع الشراكة يبدأ كمنهج في الحياة، لماذا؟ لنتخذ القرار معا ونتحمل نتائجه معا.

المقدمة :سؤال آخر دكتور، يتعلق أيضًا بهذه الشريحة شريحة النساء اللواتي ربما يجدن طموحا ثمين وعزيز مثل منحة دكتوراه مثلا وأنت تعلم أن الذي يدرس الدكتوراه ربما يغير مجرى حياته وحياة أسرته بالكامل وأنا مطلعة على كثير من الحالات التي اضطرت عندما توافقت المرأة مع الرجل اتفقا وكانا شريكان في اتخاذ القرار، سنذهب لدراسة الدكتوراه، أو ستذهب هي وسيذهب معها ويبقى الأبناء مثلا، فيغلب على ظنهم بعد التجربة أن عيش الأولاد معهم مثلا في سكنات الطلاب المتوفرة في المنحة مستحيلة، فيتخذوا قرارا صعبا آخر وهو إبقاء الأبناء الصغار الرضع ربما إبقائهم في الوطن عند الأقارب والسفر، سفر الأم والأب عندما تناقشهم تسمع لهم وجهة نظر معتبرة أيضًا، يقولون لك نحن نضغط على أطفالنا الآن وهم صغار وهم ربما لا يشعرون كثيرا بهذا الضغط ولكننا سوف نوفر لهم حياة كريمة ويفتخرون بها عندما نعود لهم بعد سنتين أو ثلاثة ونحن نحمل درجة علمية تغير مجرى حياتنا ككل، يعني هذه الموازنات الصعبة دكتور..

د. عايش : يعني أنا أقول الحياة كلها عبارة عن موازنات وقرارات صعبة، في هذه الحالة الدين هنا يعطي الإطار، الإطار هل توافرت الشروط الشرعية في هذا، هل يمنع الدين حالة خاصة يجلس الأطفال عند الجدة أو في أي مكان مناسب فيه ظروف مناسبة لهذه الحالة الخاصة من إكمال الدراسة إلى أخره، قد يحدث ليس الأمر أمر طموح قد يحدث هذا قسرا، فيبقى الأطفال ويهاجر الأب والأم، هذه الأمور حالات خاصة، ننظر في الإطار العام هل يسمح بها الشرع من حيث الأصل؟ الجواب نعم ما لم يؤدي بالمآل إلى سيء.

المقدمة : أليس من حق الطفل أن يكون له توثيقا بأمه، يعني هل يسمح الشرع بهذه المفارقة التي قد تطول لستة أشهر أو سبعة أشهر بين الزيارة والأخرى؟

د. عايش : أنا أرى أن هذا الأمر محتمل للاجتهاد ويسأل المختصون، وظروف العائلات مختلفة قد يكون هناك جدة تحنو على الأطفال وربما أكثر من أبيهم وأمهم وربما تستطيع أو لا تستطيع فهذا يختلف من عائلة لأخرى فأنا أقول الشرع يسمح بهذا لأنه لا يتعارض الآن مع قضية شرعية واضحة، ونحن نقول إذا أمكن إعطاء البديل، والبديل صعب على الأب والأم، أنا أقول إن أمكن فالشراكة في هذا، أنا أقول الشراكة لماذا؟ لأنه حتى حصلت سلبيات من هذا الأمر فأن نتحملها معا خير من أن نتلاوم بعض ذلك.

المقدمة : إذًا حتى مثل هذه القرارات الصعبة أنت ترى دكتور بأن الشرع يسمح بها من حيث المبدأ ويبقى النظر في مصالح الأفراد الذين يتعرضون لهذا الظرف إذا كانت المصالح سيتم تحقيقها بظروف أخرى غير المعتادة من قبيل مثلا وضع الأطفال عند الجدة..

د. عايش : البدائل دكتورة الدين دائما يسمح بمجموعة من البدائل ويريد منك أن تحاول إيجاد البدائل.

المقدمة : إذًا لا مانع أن نضغط على من اضطر إلى اتخاذ مثل هذا القرار، لا داعي أن نضغط عليه باسم الدين..

د. عايش : ربما نعم نحن نريد للدين أن يعطينا الإطار لتصبح الأمر موضوع حالات خاصة تدرس كل حالة على حدة دون أن نمنع ابتداءًا باسم الدين ودون أن نسمح ابتداءًا باسم الدين..

المقدمة : فالدين لم يقل كلمة فاصلة في مثل هذه القضايا ..

د. عايش : بما أن موضوع الحلقة هو ترك الوطن فالدين يسمح بهذا، ولهذه الأسباب التي تفضلت بها من هجرة لطلب المال أو لطلب التلقي مع نية الإخلاص لله سبحانه وتعالى يسمح بها مع صعوبتها والإقرار بآلامها ولكنه يقول بأن الإنسان ينبغي أن يجد البديل الأنسب.

المقدمة : إذًا لهذه الدرجة الخيارات مفتوحة أمام الإنسان وأمام العائلات فلا ينبغي لعائلة ما بأن تفكر بأنها محصورة ومحشورة في دائرة ضيقة عليها أن تتحمل الظروف مهما كانت داخل هذه الدائرة، بل على الإنسان أن يفكر في دائرة سعتها هي سعة الكرة الأرضية ككل، أريد أن أسألك دكتور عن محور أخير في هذه الحلقة وهو العائلة المهاجرة، العائلة التي تسكن في الغربة هذه عائلة تتعرض لظروف جديدة فيها الكثير من القسوة، ما هو دور المرأة في شراكتها للرجل من أجل جعل هذه العائلة أكثر طمأنينة وأكثر استقرارا ..

ولكن بعد فاصل قصير فابقوا معنا

* * * * * * * **

المقدمة : أهلا بكم أعزائنا المشاهدين نواصل حوارنا في موضوع دور المرأة في إنجاح عائلتها المهاجرة وإعطائها ربما جوًا من الطمأنينة والراحة حتى تستطيع أن تكمل مسيرة الحياة وتكون مطمئنة في إبداعها وفي حياتها طالما أنها تعيش في هذا الجو الذي هو غريب عن وطنها.

د. عايش : بسم الله، الحقيقة هذا الأمر له صورتان، الصورة الأولى أن تهاجر مع زوجها إذا كان الأمر يتعلق بحالة الرجل أو أن يهاجر هو لتبقى هي لتقوم بعبء الأسرة وهذا هو الأصعب، في الحالة الأولى أن تقرر أن تترك الوطن وبما في ذلك انسلاخ من الشبكة المعقدة من العلاقات وتترك لتعاني معه في الغربة هذا قرار إذا اتخذاه معا فسوف يكون عليه عبء أن تكون في الغربة وتحاول أن تصنع ذلك الجو، نحن الدين يفترض الأسرة حقيقة وهذا اجتماعيا الأسرة تستطيع أن تقوم بدور البديل عن أي مؤسسة أخرى حتى مؤسسة الدولة، الأسرة دائما إذا أخلت المؤسسات الأخرى بدورها الأسرة هي التي تحل المشكلة، فقد يكون هناك تقصيرا ماليا يعني تجاه المواطن، فالأسرة هي التي تتحمله، تتحمل دعم هذا الشخص ماليا، الآن القضية النفسية اللي يغيب عن الوطن والمشاعر وغير ذلك وهي قضية فطرية والإسلام يقر بها من الذي سوف يصنع الأجواء الخاصة اللي نسميه الوطن الصغير..

المقدمة : دعنا نتكلم دكتور عن الأسرة عندما تهاجر كلها ..

د. عايش : عندما تهاجر الأسرة كلها سيكون على المرأة عبء أن تصنع هذا الوطن الصغير في البيت، بمعنى أنه لو كانت كل مخارج البيت غريب وأنا غريب فيه ولتكن قضية اللغة قضية المشاعر قضية الثقافة بشكل عام حتى شكل الناس أحيانا، هي الصدمة الحضارية أو الثقافية كما يسمونها، من الذي سيكون عمقي؟ أنا الآن انفصلت عن عمقي في بلدي وصار عمقي الوحيد هو زوجتي وأولادي، هنا يأتي دور الزوجة لأن الله سبحانه وتعالى خلق المرأة مع قدرة هائلة على الامتصاص، يعني موضوع امتصاص الصدمة، امتصاص التعب، امتصاص نرفزة الزوج، كنت قرأت فوجدت ان كثير من مواطنه يطلب من الرجل أن يكون صاحب العقل وصاحب الحكمة إلا بين الزوجين طلب من المرأة أن تكون هي صاحبة الحكمة، في حديث عجيب لا يتنبه إليه كثير من الناس العقل صار من المرأة وليس من الرجل، النبي عليه الصلاة والسلام يقول عن المرأة العئود، المرأة العئود تعريف غريب، أنها التي إن خاصمها زوجها وكان الحق عليه (وهذا في الأصل مش ممكن لأن العدل ينبغي أن تأخذ حقها، ولكن يقول لها الشرع إن من خير النساء الودود العئود) فقالوا: من العئود؟ فقال التي إذا أغضبها زوجها جاءته فأخذت بيده ثم قالت لا أرى غمضًا حتى ترضى، هنا الرجل هو الشحنة السلبية عنده والشحنة الإيجابية عند المرأة، بالمعنى العامي هي التي احتوت الموقف.

المقدمة : هي عندما تحتوي الموقف دكتور، أنت من زاويتك تقول بأن العقل جاء منها وأنها احتوت الموقف لأنها هي الطرف الأقوى إن صح التعبير في هذا الموقف، ولكن البعض ينظر من زاوية أخرى ويقول لا هذا يدل على أن المرأة مستضعفة وأنه حتى ولو أن حقها انتقص أو هضم فلابد عليها هي أن تعود إلى زوجها.. وقد تكون هذه نقطة ضعف ..

د. عايش : لا الحديث صريح، كأن الشرع يمدحها بكلمة العئود، ويفترض بأنها تجاوزت مسألة الندية وتجاوزت مسألة من على صواب ومن على خطأ وكبرت عن الموقف، ما معنى أن يكون هو الذي أغضبها ثم تكبر على الموقف وتقول له ألا أرى غمضًا حتى ترضى، فيحدث الامتصاص ..

المقدمة : نعم دكتور البعض يطعن في الشرع ويقول بأن الشرع رغب في المرأة الضعيفة

د. عايش : لا الحقيقة كلمة الضعيفة تحتاج إلى تحقيق ولذلك أنا أريد أن أتجاوز ذلك الأمر، هذا الحديث دكتورة يدل على أن المرأة يطلب منها شرعا أن تكون في بعض المواقف هي التي تستوعب الآخر، هذا في العادة، نحن تعودنا في المفهوم العامي ومفهومنا عن المرأة في الشرق والغرب أن المرأة ينبغي أن تأخذ على قدر عقلها، ينبغي أن تراعى المرأة، نحن عندنا حديث يقول أنه سيأتي هو في يوم مغضبًا، سيأتي مضغوطا وهو الذي سيغضبك، الآن هل سيكون قرار المرأة أن تأخذ حقها بيدها أو تبقى مصرة، لا هو يقول لها إن فعلت ما هو أعلى من هذا، الاستيعاب، والمرأة في قضية الاستيعاب حقيقة والدراسات تدل عليه هي الأكثر صبرا، وأنا قرأت مقالا المرأة الأكثر تحملا..

المقدمة : وهذا يتناسب مع وظيفتها دكتور، فلو لم تكن كذلك ما استطاعت أن تمتص تلك الحركات غير المنضبطة من الأطفال وتصبر عليهم سنوات وسنوات ..

د. عايش : الأطفال كلهم طبعا الأطفال الصغار والطفل الكبير اللي الله سبحانه وتعالى أعطاها إياها، فإذا استطاعت فعلا وأنا أعتبر هذا الحديث معجز ..

المقدمة : نحن لا نريد دكتور من هذا المنبر أن نجامل المرأة أكثر من اللازم .. هي الحقيقة هو الإنسان، نحن نجامل الإنسان ونحال أن نصل بإنسانية الإنسان إلى أرقى مستوى.

د. عايش : أحسنت دكتورة نريد أن يتحرر من هذه الأوهام عن ضعفه أو عن أن المرأة هي العاطفية، هل معنى العاطفية أن تكون هي الأضعف؟ بالعكس العاطفي هو الشخص المرن، والمرونة صفة المرأة، يعني المرونة الجسمية في الحمل تصبح كبيرة ثم تضعف فالمرونة الجسمية موجودة، المرونة العاطفية تستطيع أن تنتقل وهذا أريد أن أركز فيه في الغربة لنربط الأمر بموضوع حلقتنا، في الغربة تحديدا وفي الأسرة وفي إطار هذه الضغوط المرأة هي التي تستطيع أن تنتقل بشكل لحظي من معاملة الطفل الصغير بالحنان والتحمل والحب وغير ذلك لتستجيب لذلك الطفل الكبير أو للزوج في قرارات الأسرة المصيرية، فتنتقل مباشرة، الرجل وهذا أيضا تدل عليه الدراسات لا يستطيع ذلك، الرجل يستطيع أن يفكر ويأخذ مدة كبيرة بعد أن يدخل البيت بعد أن يعود مدة طويلة حتى يدخل في مزاج البيت، بينما المرأة تنتقل من الطفل الصغير إلى الكبير ثم تعود لتناغي وتلاعب طفلة ثم تعود إلى طلبات الكبار، فهذه المرونة هي قوة ..

المقدمة : وهذه المرونة هي التي تتناسب مع قدرة الرجل على الحماية وعلى الرعاية وعلى التفكير الاستراتيجي بعيد المدى لكي يتناسبان كل بحسب قوته.

د. عايش : هنا في هذا الحالة الرجل إذا كان يتخذ القرار والمرأة تستطيع أن تتكيف المرونة قوة والتكيف قوة، في موضع الغربة ليس هناك عمق لهذا الرجل إلا المرأة، هناك مشكلة جديدة لا يستطيع أن يذهب الآن خارج ليسهر مع أصدقائه كما يعتاد هو الآن في مشكلة هي التي ستأخذ عمقه وهي التي ستستوعبه هنا أقول نجاح الغربة ولا داعي للحكايات الشخصية ولكن نجاح غربتي عندما سافرت للدراسة كان بسبب وجود الزوجة، فالزوجة كانت تحمي الأولاد بإصرارها على السفر من أول يوم، وهذا نحيي فيه كل زوجة وقفت مع زوجها وتحملت وأنجحت هذه التجرية، هي تجربة ليس سهلة كان بالإمكان أن تقول لها سافر جزاء الله خيرا وتعرض أنت لما شئت، تعرض للفتن سواء الفتن في مجاله أو فتن مجال النساء، وهذه مصيبة، فقرارها بأن تسافر معه حقيقة هي تحميه وهي تصبح وطنا كما تفضلت له، وهذا ما نطلبه من الأخوات أن يبادرن له.

المقدمة : يعني دكتور لو أنت تتكلم خطر في ذهني بأن الرجل إذا تعرض لضغوط مختلفة بعد الرجل عن زوجته وهذا الأمر لوحده هو عبارة عن ضغط، فإذا أضافت المرأة هذا الأمر لبقية ضغوط الغربة فكأنها تحكم على زوجها بفشل تجربته في غربته.

د. عايش : هذه صورة الصورة الثانية إذا لم تسمح الظروف أو لم يكن هناك مجال لتسافر معه هنا يأتي العبء الأكبر، العبء الأكبر هو أنه يتعرض لضغوط الله يعينه عليه ويأتي الآن التليفون، تستطيع أن ترفع معنوياته إلى أعلى قوة وأعلى درجة بكلمة منها، وتستطيع أن تتشكى وأن تتمسكن وتقول له الأولاد وطلعوا عيني وتضيف إلى عبئه عبئًا آخر وتشعره بالعجز، وهذا حقيقة حدث في الواقع حينما كانت المرأة تقول لزوجها توكل على الله كل شيء بخير، الأخبار المالية في ألف نعمة، أخبار الأولاد تمام، وقد تكون تمسك الضمادة التي تضعها على رأس ابنها، ولكن هذه المرونة التي نتكلم عنها قدرة على أن الرجل ذهب ليطلب رزقا ذهب ليطلب شهادة، فكيف أدعمه؟ أدعمه بهذه القوة فحينما أقول له توكل على الله يا فلان، أنا أذكر صديقا لي دكتور نزار ريان رحمه الله الشهيد، حين كان يقول كنا نذهب إلى المعتقل عند الصهاينة وتودعني أم بلال بقولها اللقاء يوم اللقاء يا أبا بلال.

المقدمة : طبعا الحديث عن الدكتور نزار ريان الشهيد الذي استشهد في الحرب على غزة.

د. عايش : نعم، فكان يقول عندما كانت تودعني وتشيعني وتقول اللقاء يوم اللقاء يعني وإن لم تعد فتوكل على الله.

المقدمة : وهي بهذا تعطيه انطلاقا..

د. عايش : نعم كان يقول صبرنا في هذا الابتلاء يأتي من هذه الدفعة، هنا نقول المرأة تستطيع بكلمة أن تهز الرجل بل تهده، وتستطيع أن تثبته وتجعله متماسكا.

المقدمة : يعني دكتور وكأني ببعض الأخوات المستمعات والمشاهدات الآن من اللواتي يعشن مثل هذه الظروف يعني دائما النزعة الإنسانية والنزعة الأصلحية ونزعة الإنسان نحو ضمان مستقبله ربما تبرز بين فينة وأخرى، فعندما تعاني المرأة ما تعانية في أثناء هجرة زوجها أو سفر زوجها أو اعتقال زوجها أو ندع الاعتقال عندما يسافر مثلا تحصيل شهادة علمية أو من أجل تحصيل مال وكأن بعض النساء يشعرن أنهن لابد أن يضعن الزوج في صورة معاناتهن حتى لا ينسى أنها شريكة فيما حصل تحسبا وتخوفا من بعض القصص التي ربما سمعنا بها عن أزواج سافروا وعانت عائلاتهم وعانت زوجاتهم ثم رجعوا واستمتعوا وحدهم بثمرة هذا السفر وهذه الهجرة ماذا تقول في ذلك؟

د. عايش : سؤال جيد وواقعي طبعا يتعلق بتشكل هذه العقدة عند المرأة، عقدة التضحية وأنها تخشى من أن لا يعترف بهذا الأمر، حقيقة عندما تختار المرأة رجلا صالحا عاقلا رجل يقدر مثل هذا الأمر فينبغي أن يعرف هو تلقائيا وهذا مفهوم أنه إذا بوجودك كنت ترى الصعوبة وترى كيف الأولاد وترى كيف الناس وترى كلام الناس وغير .. فكيف في غيابك ..

المقدمة : فهو يستطيع أن يتوصل إليها وحده ..

د. عايش : ولا بأس من تذكيره بالعموم، يعني بمعنى كيف أموركم صعبة الحياة الله يعينك يا أم فلان تقول له صعبة بس الله بيعين، توكل على الله إن الأجر، إن الثواب، هذه المعاني من تصويب النية وتصحيح النية هي التي تعطي الزخم.

المقدمة : ولكن نصيحة لكل إنسان أنه إذا أراد أن يضحي من أجل هدف ما فلابد أن يضع في اعتباره أنه من أجل الله ونيته أن تكون لله حتى لا يُخذل وحتى لا يُفجع في يوم من الأيام برد فعل شريكه وبرد فعل الشخص المقابل له.

د. عايش : صحيح هذا الضمان لعدم الندم، النية الصالحة لضمان عدم الندم لأنه يتاجر مع الله، إذا تاجرت مع الله صحيح عبر زوجي وعبر مسيرة زوجي في الدراسة عبر المال عبر هجرته عبر غربته ولكني مع الله سبحانه وتعالى والله لا يضيع أجر المحسنين، فالله سبحانه وتعالى يرضي عنها قلب زوجها..

المقدمة : إذًا دكتور هو موضوع الغربة موضوع الهجرة هو موضوع عميق وطويل لفت انتباهنا جزاء الله خيرا إلى قضية مهمة جدا وهي أن قرار الهجرة قرار من شأنه أن يحفظ كرامة الإنسان وإبداع الإنسان وقدرة الإنسان على النجاح وأن يكون له طموح أعلى يمكن أن يحققه في حياته، وهذا أمر لا يقتصر على الرجل لوحده وإنما يكون للمرأة وللرجل، وإذا كان في العائلة من تعينه الهجرة على أن يكون شخصا مبدعًا فلابد لكل أفراد العائلة أن يتناسقوا معه ويتواءموا معه حتى يحققوا ذلك الهدف.

دكتور عايش لبابنة أستاذ الدعوة والإعلام الإسلامي في جامعة اليرموك شكرا جزيلا لك..

أما أنتم مشاهدينا الأعزاء أشكركم على حسن المتابعة إلى اللقاء في حلقة أخرى

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

1 التعليقات:

  1. جزا الله الدكتور خير الجزاء
    وبارك الله فيكم على جهودكم في العمل

    ردحذف