30‏/12‏/2012
5:38 م

حلقة تلفزيونية مع الدكتور عايش لبابنه بعنوان " الشهادة والشهيد " على تلفزيون اليرموك ضمن برنامج عمق المألوف




النص الكامل لـ حلقة د. عايش لبابنة : "الشهادة والشهيد" من برنامج: في عمق المألوف

المقدمة: بسم الله الرحمن الرحيم، أيها الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بكم وحوار جديد في (عمق المألوف)، حيث نطرح في هذا البرنامج موضوعات قد تبدو مألوفة ولكن حوارنا فيها مع المختصين يزيدها عمقا ويزيدنا لها فهما فابقوا معنا ..

الشهادة والشهيد، هذا هو موضوعنا لهذا اليوم، أتحاور فيه مع رجل عشق هذا المعنى وأحبه ولعله تمثله في حياته، أتحاور مع أستاذ التفسير في كلية الشريعة، الدكتور عايش لبابنة أبو شهيد، أسميت ابنك شهيدا لحبك لهذا المعنى، وأنا استضفتك لأنك دائم التفكر على ما يبدو في هذا المعنى، نريد أن تشركنا دكتور في معنى الشهادة، وما الذي جعلك تستغرق في هذا المعنى حتى جعلك تتكنى بها، أبو شهيد، ما معنى الشهادة؟ ودعنا ندخل معا في هذا المفهوم الجميل لعلنا نكتشف زوايا ومساحات جديدة فيه..

د. عايش: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلوات على سيد الشهداء وخاتم المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد. موضوع الشهادة حاضرة في كتاب الله سبحانه وتعالى، وحاضر على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى لسان وحال هذه الأمة في سلفها الصالح، ثم في الأجيال التي أخذت هذا المعنى وأحيته وأبقته مشتعلا، مادام هناك إسلام، وما دام هناك جهاد فالجهاد ماض إلى يوم القيامة .. إذن هذا مفهوم حي وينبغي أن يكون حيا، بل إن هذا المفهوم من ألصق المفاهيم بكلمة الحياة ..

المقدمة: الشهادة من ألصق المفاهيم بكلمة الحياة!

د. عايش: نعم، لذلك لا ينبغي أن يموت هذا المفهوم، الله تعالى جعل من حياة الشهيد عقيدة، فلا يجوز لك أن تعتقد بأن الشهيد مات، بل لا يجوز أن تحسب أن الشهيد ميتا، فالله تعال نهى أن نعتقد بل أن نحسب "ولا تحسبن" فمجرد الظن بأن الشهيد قد مات فهذا منهي عنه شرعا، هذه الحقيقة الخبرية والنهي يعني أن من اعتقد أن الشهيد ميتا وقع في محظور، فممنوع أن تحسب أنه مات، "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات بل أحياء عند ربهم يُرزقون" فجاء التوكيد بأنهم أحياء بل ويرزقون أيضا، والرزق دائما يأتي مع الأحياء، فلو قيل أنهم أحياء لتبادر للإنسان العادي هل هم أحياء مثلنا؟ فمن أين يأكلون؟ فالحياة لا تكون إلا بنمو والنمو أدوات، فالله سبحانه وتعالى قال أنهم عند ربهم يرزقون، وإن ظهر لك أنهم أموات فلا تحسب ذلك .. ثم نهى في مقطع قرآني آخر أن نصف الشهيد بأنه ميت، فقال: "ولا تقولوا لمن يُقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون" فجعل هذه الحالة الحياتية حالة مخصوصة، فهي عند الله ونحن لا نشعر، يعني جعلها عند الله وجعلنا نحن العتاب علينا نحن ..

المقدمة: نحن الذين قصرت أدواتنا ..

د. عايش: عن أن نستحضر هذا المعنى، أنه من يُقتل في سبيل الله فقد تكفل الله له بالحياة، فالشهادة انتقال من حياة مؤقتة إلى حياة أخرى دون المرور بالموت.

المقدمة: يعني الشهيد في برزخه تختلف عن الإنسان العادي في البرزخ التي هي ما بين الموت وبين يوم القيامة؟

د. عايش: جميل، هذا المفهوم الذي طرحته يطرح هذا السؤال بالضرورة، يعني الذين يموتون عقيدتنا فيمن يموت أنه في حياة برزخية، فما بال الشهيد، هل يزيد؟ إذا كان الله تعالى قد أكد أن له حياة، وأنها مختلفة عمن يموت ميتة عادية، فلاشك أنها مرتبة خاصة وقد جاء في الحديث الصحيح أنها أرواح الشهداء في حواصل طير خضر في الجنة .. والجنة ليس فيها موت، فإذا كانت أرواحهم في الجنة فمعنى ذلك أنهم أحياء وعند الله تعالى يرزقون، أما حكاية الجسد الفاني فهذا الجسد هو مركب للروح وليس هو الإنسان.

المقدمة: يعني هو بالضرورة أن الحياة الأخرى هي من عالم الغيب، ومهما تحللنا من تفاصيل وردت في الأحاديث الصحيحة والقرآن الكريم فلن نصل لحقيقة هذه الحياة الغيبية، إذن ما هي إلا أطراف من المعلومات تصلنا عبر القرآن الكريم أو عبر الحديث الشريف الصحيح، ولكن نأخذ من هذا كله بأن الشهيد له مرتبة خاصة عند الله بعد الموت تختلف عن مراتب الناس العادية؟

د. عايش: وهذا بالطبع هو تشجيع للإقدام على الشهادة، إن الأمر لا يتعلق بما سيعطيه الله تعالى له ولكن المسألة تتعلق بطبيعة الحياة الدنيا، إن كان يخشى من الموت فإنه في سبيل الله الموت أو لا موت، إذا كان الأمر في سبيل الله فإنه لا موت، وهذا أمر يشجع على بذل النفيس والغالي في سبيل الله ..

المقدمة: حتى يحصل على تلك الحياة الأرقى من الحياة الموجودة على الأرض..

د. عايش: بالضبط، هي نوعية حياة وليست أصل الحياة، يجب أن نفرق بين الحياة أي حياة، وبين الحياة الكريمة وبين الحياة الطيبة وبين الحياة بمستواها المتضمن في الشهادة ..

المقدمة: متى نعد الإنسان شهيدا؟

د. عايش: إما الحكم الدنيوي على الشهيد فهو حكم نسبي يأخذ بالاعتبار مجموعة الصفات ومجموعة الشروط التي صرحت بها الآيات والأحاديث فيما تكون فيه الشهادة في سبيل الله، أما من يكون عند الله شهيدا فهذا في علم الغيب.

المقدمة: إذن نحن نتوقع بأن هذا شهيد، ولكن لا نجزم بهذا

د. عايش: نحسب، ولا نجزم ولكن نأخذ من ظواهر الأمور، ولذلك من الأدب أن نقول نحسبه شهيدا لأن الصحابة وقعوا في هذا، كان كلما سقط في معركة أحد قالوا هنيئا له الشهادة، فكان النبي ص يسكت ويقر أحيانا وفي مواطن أخرى يستدرك عليهم، ويقول مثلا لا فيمن تعارضت مثلا نيته في الجهاد والغزو نية المخلصة لله تعالى مع نيته الدنيوية، قال الذي غل بردة، الذي سرق من الغنيمة بردة ..

المقدمة: غل يعني سرق من الغنيمة قبل التقسيم بشكل غير شرعي

د. عايش: بالضبط، وكان مجاهدا ..

المقدمة: يعني عند معادلة بذل النفس والروح نجح، ولكنه فشل أمام إغراءات الغنيمة ..

د. عايش: نعم، بمعنى آخر أن الطريق للشهادة ليس فقط بالموت، ولكن الشهادة الحقيقية الذي يقتل في سبيل الله في المعركة فهو يموت في ظاهر الأمر، ولكن مسيرة حياته يجب أن تكون مسيرة حياة شهيد ..

المقدمة: إذن أريد أن أخذ هذه التفصيلة بالتحليل، ولكن نعود لهذه التفصيلة، كيف نتوقع أن فلانا شهيدا عبر مسيرة حياتية القبلية؟

د. عايش: الحقيقة من يظن بأن المعركة هي الحاسمة أو هي البوابة الوحيدة للشهادة يغيب عنه مفاهيم في معادلة الشهادة، لأن معادلة الشهادة معادلة كبرى، تبدأ بأننا نعتقد أن الشهادة اختيار واصطفاء من الله تعالى، فهي على حد التعبير القرآني "ويتخذ منكم شهداء"

المقدمة: فالشهادة هي أصلا عبارة عن جزاء على حسن السير؟

د. عايش: هي خاتمة، فإذا كانت خاتمة فالسؤال الذي يطرح على ماذا كان الجزاء؟ لاشك أنها ذروة الجهاد والجهاد هو ذروة سنام الإسلام، فهي ذروة في الذروة، فهي أعلى نقطة، فكيف تكون هي ذروة الذروة وهي جائزة أكثر من كونها حدثا أو مقاما، فهي جائزة، فالسؤال من يأخذ هذه الجائزة؟ ففي الحقيقة من يتصدى لهذا المفهوم ونحن نستحضر نظرتنا للشهادة وكأن الدين ينتظر منا بذلك جهدنا كي نأخذ هذه الجائة أو كي ينصر أو يرقى وينظره على الدين كله، وفي الواقع أنها جازة والكل يتصدى لها ومن يرضى الله تعالى عنه يرزقه الشهادة..

المقدمة: إذن الناس يتصورونها بشكل معكوس؟ ففي الحقيقة قد مُنح هذا الشرف على شيء سابق ..

د. عايش: بالضبط هو قد صنع شيئا يستحق به أن يختاره الله تعالى..

المقدمة: حقيقة هذه تحل ربما إشكالات حدثت، بعض الناس نرقبهم وهناك نهايات لبعض الأشخاص المعروفين دون ذكر أسماء، أن بعض الناس يحاصر ويحاصر فيقول الناس لماذا لم يقف موقف الحق قبل أن يُقتل؟ لماذا لم يتخذ الموقف الصحيح قبل أن يُقتل وهو يعلم أنه سوف يُقتل الآن، فهذه سوف تحل الإشكالية وكأن الله تعالى لم ينعم عليه أو لأنه لم يقدم في حياته ما يستحق أن يُنعم عليه بأن يتخذ الموقف الصحيح في نهاية حياته فيُقتل على الباطل مع أنه يرى الموت بعينيه ولكنه لا يصرح بحق لأنه لم يقدم ما يستحق أن يصل لهذه النتيجة العظيمة..

د. عايش: الطبيعي في المعادلة، في أنه هذا الشخص الذي قُتل ربما لمبدأ عظيم، وربما يكون ونحن بالمناسبة لا نصادر أي تضحية في سبيل المبادئ والذين يناصرونها، ولكن مفهوم الشهادة مفهوم آخر، مفهوم الشهادة مفهوم خاص بالإسلام، وهو أحد المفاهيم العظمى التي جاء بها الإسلام، وقبل الإسلام لم تكن كلمة الشهادة تعني هذا المعنى..

المقدمة: إذن الشهادة لا تكون إلا إذا مات الإنسان من أجل مبدأ يرضى عنه الله.

د. عايش: المبدأ هو الإسلام، أما أين تكون حينما يختارك الله شهيدا فهذا أمر مختلف، فقد تكون على ثغرة لا يؤبه له، قد يكون من الشهداء من يحرس في مكان لا يبالي به أحد، الله تعالى ساقه بحسن نيته وبسابق فعله وفضله إل أن يُقتل في سبيل الله تعالى .. وآخر يتصدى ويتصدر ربما المجالس والمقامات ولكنه لا يأخذها، فنربطها كما تفضلتي بالعمل..

1 التعليقات:

  1. بارك الله فيك دكتور عايش كانت حلقة رائعة عن الشهيد واسال الله ان يحسن ختامنا ويحشرنا مع الشهداء الابرار ان شاء الله

    ردحذف